_
 
لقاء مع جريدة البيداء الكويتية
0103/2006

وزير الأسبق وعميد الأسرة الرفاعية/ السيد يوسف السيد هاشم الرفاعيقدوتي الأولى الرسول والسياسي الشيخ عبد الله السالمحاوره أشرف السعيد السيد يوسف هاشم الرفاعي .. هو أحد رجالات الكويت ورموزها، وقد تقلد عدة مناصب مختلفة وكان هاجسه الأول هو خدمة بلده الكويت وأبناء شعبه، فهو من الرعيل الأول لأعضاء مجلس الأمة منذ أول تم تأسيسه، فضلا عن اهتماماته وعلاقاته المحلية والإقليمية والدولية، فديوانيته دائما تعج بالضيوف من داخل الكويت وخارجها، وتضم كوكبة من العلماء في المجالات المختلفة، كما يرتاد ديوانيته المتصوفة ومن مريديه في الطريقة الرفاعية، وفي مقر ديوانيته في المنصورية التقت به " البيداء " في حوار صريح ودون مواربة إجاباته، واليكم ما جاء بالحوار ..

 

 

· كيف كانت بداياتكم مع العمل العام ؟ - 
تعني العمل السياسي . · نعم : في الحقيقة كانت البداية مع العمل النيابي بمجلس الأمة، لأنني أخر وظيفة شغلتها هي رئيس إدارة الهجرة والإقامة والسفر بوزارة الداخلية، فتقدمت لأول انتخابات نيابية، وتم انتخابي عضوا بمجلس الأمة عام 1963، وبعد افتتاح المجلس جلساته وافتتحه المرحوم الشيخ عبد الله السالم جرى ملء فراغات مكتب مجلس الأمة فاختير الحاج عبد العزيز الصقر رئيسا، والحاج سعود العبد الرازق نائبا، والمنصب الثالث هو أمين السر بالمجلس كان من نصيبي، وبعد بقائي فترة أمين السر مدة تقل عن ستة شهور، وعرض علي أن أكون مندوباً للكويت بمنظمة ألأمم المتحدة، وقد عرض هذا المنصب الشيخ صباح الأحمد – وزير الداخلية آنذاك – فاعتذرت لأنني قلت لهم الناس صوتت لي لانتخابي بمجلس الأمة، وبعدها بشهر يعرض علي منصب وزير البريد والبرق والهاتف، كنت أنا والمرحوم خالد المسعود عين وزيرا للكهرباء بدلا من الشيخ جابر العلي، وكنت بدايتي بالعمل الوزاري في عام 1964 وظللت أعمل بها حتى استقالت الوزارة بعد ذلك بسبب الخلاف حول المادة 35 التي تحرم على الوزير ممارسة مهام منصبه والعمل التجاري، فصار على هذا القانون شد وجذب وانتهى، وكان الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم متحيزا حسب الدستور بأنه في حالة وقوع خلاف بين مجلس الأمة والحكومة، فإما أن يحل الأمير مجلس الأمة ويدعو لانتخابات جديدة، وإما أن يحل الحكومة، فهو كان رجلا ديمقراطيا جدا. فأمر بحل الحكومة على الرغم من أنها كانت تضم رموزا كبيرة ومن بينهم الراحل الأستاذ عبد العزيز حسين – وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء – وكانت هذه الوزارة تتبعها البلدية وديوان الموظفين والفتوى والتشريع والمجلس الوطني للآداب والفنون والثقافة، وهذه مؤسسات كبيرة تتبعها، فعُرض علي في الوزارة الجديدة منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وكانت تتبعها المؤسسات السابق ذكرها. وكانت تابعة لمجلس الوزراء، واستمر القيام بالعمل الوزاري من بداية عام 1964م وحتى بداية 1973م، وكنت فيها أجمع ما بين منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ورئيس البلدية لأنها جاءت فترة استقال فيها عدد من أعضاء المجلس البلدي حيث استقالوا تضامنا مع الوزراء، فقمنا بحملة طيبة في ذلك الوقت. الدعوة الاشتراكية مؤكداً أن بيوت الكويت كلها آنذاك مصنوعة من الطين وداخل البلد وأركان الدولة أقبلت على النفط والنهضة لكن الدولة لا تعرف كيف تقوم بتوزيع الثروة على المواطنين ذلك عام 1964م علماً بأنها كانت هناك بيوت كبيرة على شاطئ الخليج العربي ومعظمها دواوين مثل الصقر، والرومي مازالت كلها موجودة، فكانت الدعوة الاشتراكية في ذلك الوقت قوية وكان الراحل جمال عبد الناصر موجود فكانت الفئات والشرائح الشعبية تتعامل وخاصة في ظل إذاعة صوت العرب والمذيع أحمد سعيد، فقلت للحكومة حينئذ "إنه أفضل شيء هو توزيع الثروة على المواطنين "فقالوا لي كيف فقلت لهم " عن طريق تعويضات للمواطنين وتوفير قسائم لهم خارج المناطق النفطية، نعطيه قسيمة تعويضاً عن منزله بجانب مبلغ تعويض ثلاثة أضعاف لكي يبني منزله ويفيض منه مبلغ كبير ليشتري به سيارة لأن منزله الجديد صار بعيداً عن الديرة، وهذه هي الوسيلة لتحسين وضع المواطنين ونصف الاتجاه الاشتراكي القوي آنذاك وكان بزعامة د. أحمد الخطيب وجماعة الطليعة، والمنيس والآخرين، وكان وضعاً طبيعياً أن يفوزون بمجلس الأمة ومحل تقدير، فعلاً هذا العمل نجح والحمد لله، والمواطنون داخل السور جميعهم تم تثمين منازلهم ثم رجعنا وواصلنا إلى مناطق حولي والسالمية،وكان الأعضاء في ذلك عن هذه المناطق الحاج علي المزيني، محمد الوثبي، حمد البراك والد العضو الحالي مسلم البراك، وكان من النواب الحضر أحمد الفوزان، وأحمد الخطيب، جاسم القطامي، وغيرهم .. وكان نواب البادية حينذاك قليلين بعض الشيء، كانت الكثافة السكانية قليلة، كانت القبيلة التي لها ثقل ومازالت هي العوازم لأنهم أقدم عشيرة هم والرشايدة في الكويت، والقبائل الأخرى هاجرت. 

عبد الله السالم وخط التنظيم العام · 

ما النتائج التي تحققت من تنفيذ الحكومة اقتراحكم بالنسبة لمنازل المواطنين؟ 
- كانت النتيجة أن النواب بمجلس الأمة سروا جميعاً لأنه قد ارتفع مستوى الفرد فهذا العمل " مشروع تثمين السكن ا لخاص " كان يعتمد على إحصاء وبموجبه تم تثمين كل سكن خاص، وسرنا من جهة الجنوب حتى الشعيبة، ثم إلى جهة اليمين حيث الصليبخات والجهراء ثم اتجهنا إلى فيلكا فكل هذه المنازل تم تثمينها، وكلما انتهى الاعتماد المالي طلبنا اعتماداً آخر ومجلس الأمة يوافق لأنه يرى النتائج الطيبة التي تتحقق، فحدثت أشياء جيدة خدمة البلد، وبالإضافة إلى ذلك الوقت كان الأمير الراحل عبد الله السالم له أعمال طيبة كثيرة، ومنها أن عبد الله السالم قبل مجلس الأمة كان هو وبعض أفراد الأسرة يتقاسمون الصحراء وكانوا يوزعون هذه الأراضي، لذلك رحمه الله قام بوضع خط أطلق عليه خط التنظيم العام بمعنى أنه اعتبر أن حدود الكويت القديمة ملكية خاصة وما بعدها ملكية عامة، فكل من راح حيث تقاسمها الشيوخ من هنا حتى الجهراء، وكانوا يضعون البراميل لحدود أراضيهم ثم جاء الراحل عبد الله السالم ومعه مدير البلدية – آنذاك – عبد الله الفلاح وأمير بإزالة كل البراميل ووضع من البحر بمسافة ميل واحد إلى الساحل يعتبر ملكية خاصة أو امتداد البيوت القائمة في ذلك الوقت وحتى الشعيبة، ومن الجهراء إلى الصليبخات، كان هذا قرار أميري بعد الدستور لم يكن له صفة دستورية، فقمنا نحن في البلدية وحولناه إلى مخطط تنظيم يعمل به وصدرناه بقانون ووافق عليه مجلس الأمة، لأن الأمر الأميري قبل الدستور لا يعتد به، فحفظت الملكية الخاصة والعامة بهذا الأمر حتى تستطيع الدولة بناء بيوت، لابد من تثمينها أولاً فمثلا طريق الفحيحيل، وطريق الجهراء أيضا – حينذاك – كانت ملكية خاصة لا تستطيع الدولة تثمينها، وكانوا يتعبون نتيجة لذلك من التثمين والبناء، ولم تكن هناك مساحات للمدارس أو الطريق لأنها تكون تثمينة، فالحمد لله كان عملا طيبا قمت به واللجنة المنبثقة عن البلدية الخاصة بالتنظيم، فالحمد لله رب العالمين حافظنا على المال العام في ذلك الوقت. 

حامل الهموم · 

لكل إنسان منذ نشأته الأولى قدوة في حياته .. فما الشخصية التي مثلت لكم القدوة على صعيد حياتكم الشخصية والكويت ؟ 
-الحقيقة كمسلم القدوة الأولى لي سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقوله تعالى : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )، ولكن من الناحية السياسية كقدوة سياسية الراحل الشيخ عبد الله السالم لأنه رجل كان مثالياً وقدم الديمقراطية للكويت دون أن تطلب منه، فقبل أن يقيد صلاحياته السياسية والمالية لأنه لا يستطيع فعل لشيء إلا بقانون من مجلس الأمة، بجانب أنه تعرض إلى غضب الذين لا يقبلون ذلك من أفراد أسرته، فمثلا كانت سيارة كل شيخ يوضع عليها علمان لونهما أحمر، فأمر بنزع كافة الأعلام من السيارات الخاصة بالشيوخ، وأيضا الأملاك التي قاموا بوضع أيديهم عليها ألغاها، إذن فهو رجل قدوة، وعربياً كان يهتم بالهم العربي حيث ساعد الحركات التحريرية العربية في الخارج مثل فلسطين، الجزائر، تونس، المغرب، البلاد العربية الأخرى، وأيضا لعب دورا في تحرير اليمن، فكان الرجل حامل هم وطنه والبلاد العربية الأخرى، وكان محل تقدير واحترام رؤساء الدول العربية الأخرى، فعبد الله السالم قدوة لكل سياسي، وفي رأيي هذه الأشياء لا يقوم بها إلا الأفذاذ والأبطال، فهو رجل سابق عصره، فعبد الله السالم قدم أعمالاً جليلة لوطنه وهو الذي سعى إلى استقلال الكويت، وهو أبو الاستقلال وأبو الدستور، وأبو هذه الأعمال وهي التي جعلت الأسرة محل الاحترام والتقدير في الحقيقة لأنها الأسرة الديمقراطية الوحيدة في الجزيرة العربية، وأيضا الحكم الدستوري، ومن الناحية الدينية كان قدوتي الشيخ موسى بن عيسى ألقناعي أحد أبرز العلماء الأجلاء الذين يمثلون التيار الإسلامي المعتدل، وكان أيضا الشيخ عطية الأثري، والشيخ عبد العزيز حمادة كل هؤلاء درسوا في مدارس الإحساء بالمملكة العربية السعودية، وكان قدوتي دينياً هو رجل متسامح وله مؤلف بعنوان " صفحات في تاريخ الكويت " وأيضا " ملتقطات في تاريخ الكويت " فضلا عن " المساعي الفقهية " فكان مميزاً، وزعيم ديني وتوجه إسلامي يعجبني من الناحية الدينية. 

وسطي ومتسامح · 

كيف كانت تبدو صورة المجتمع الكويتي منذ الاستقلال عام 1962م؟ 
-المجتمع الكويتي من أصله مجتمع وسطي ومتسامح، والشعب الكويتي مزاجه معتدل ليس سريع الغضب، وفي الوقت نفسه متعارفون فيما بينهم وكانوا يحبون بعضهم البعض، وكان مجتمعاً قنوعاً، وهناك فصلان مهمان، ففي فصل الصيف يسافرون بالسفن لجلب اللؤلؤ وتجارته، أما في فصل الشتاء فكانت تتجه السفن الشراعية صوب الهند، فكان الناس لديهم صبر وجلد على المعيشة وحرص على الحلال ويتمتعون بالأمانة والبساطة، وكان إذا أصاب أحدهم مكروه يجتمعون سواء غرقت سفينته، أو غيره حيث يقومون بجمع المال له، فكان المجتمع متعاوناً ومسالماً وكان أيضاً قليل الشكاوى والدعاوى، وكانت الجرائم نادرة الوقوع في المجتمع. فروق كثيرة · بوضعكم عضوا في أول مجلس للأمة في الكويت، لو عقدنا مقارنة بين مجلس الأمة في الستينيات والآن .. 


فماذا نجد من فروق وتباينات؟ 
-الفروق كثيرة لكنني أعزوها إلى أنه ليس الأعضاء فقط تغيروا إنما أيضا المجتمع تغير والقضايا أيضا، ففي مرحلة الستينيات كان الأعضاء أقل ثقافة، ولكنهم أكثر احتراماً للتقاليد والعادات وللدين الفطري حيث لم تكن هناك تكتلات إسلامية فهذا إخوان مسلمين وآخر سلفي وغيره ولكن مسلم فقط، ولم تكن هناك تكتلات قبلية ولأساسية و لا فكرية ، كلهم كانوا يعتبرون أنفسهم أبناء الكويت ويخدمون بلدهم ، فكانوا علي الفطرة ، وأذكر أن الخمور كانت مباحة في الكويت فلما أردنا منعها تعاون معي هؤلاء الأعضاء تعاونا تاما ، ولما ذهب القانون لأمير البلاد أول مرة للتصديق علية رده ، لأن البعض قالوا للأمير إن منع الخمور سيجعل الشباب يقبل علية ويتناولونه وفي حالة المنع سيحتسون الكولونيا والسبرتو وسيموتون ، وستتوقف خطوط الطيران طالما منع الخمر ، فقام الأمير برده وقال لابد من موافقة الثلثين من أعضاء مجلس الأمة فرد القانون ، وتم التصويت بنسبة الثلثين حتى النواب الليبراليون الذين يطلقون علي أنفسهم الآن ذلك استحوا أن يقولوا لا ووافقوا علي قانون منع الخمور في الكويت ، الحمد لله كانت الأمور كلها طيبة وفي ذلك الوقت كان يستحي النائب في طلب خدمة من الوزير ويجوز بينه وبين الوزير ، لكن علانية لا لأنه يحاسب الوزير ويراقبه فكيف يطلب منه خدمة ؟ لم يكن هناك شيء اسمه خدمات ، ولكن في أضيق نطاق ، وكانت هناك وساطة للنفع العام وليس وساطة لجلب المصلحة ، وكانت المناورات السياسية معدومة ، وقد حدث استجواب في عهد المرحوم الأمير عبد الله السالم وكان الاستجواب موجه لأحد أفراد الأسرة المرحوم الشيخ جابر العلي وكان وزير ا لكهرباء – حينذاك – وقد تأثر بعض أفراد الأسرة بسبب هذا الاستجواب ، فقال لهم عبد الله السالم : " اللي ما يعجبه يستقيل " فنحن قبلنا الديمقراطية ولم تفرض عليك تصويت في هذا الاستجواب بل صار سؤال وجواب ولم تحول إلى طرح ثقة . 

لا مساومات أو ضغوط · 

خلال الفترة شهدت الساحة الكويتية طرح ثقة في ثلاثة وزراء وهم وزير الأعلام ووزير الأشغال العامة ووزير الصحة ، وهذا الطرح تم من جانب بعض التكتلات الإسلامية داخل مجلس الأمة .. فما تعليقكم ؟ 
-الحقيقة ، مثلما قلت لا توجد هرطقات ولا مساومات من وراء الكواليس ، ولا ضغوط والفرد يخضع لضميره فقط فكانت هذه للضرورة ، فمثلا حدث استجواب لوزير التجارة عندما ارتفعت الأسعار في فترة من الفترات ، ونادرا ما تطرح الثقة وتصل إلي مرحلة سؤال وجواب على المنصة وينتهي وديا ، ولكن هناك حاليا زيادة في عدد الاستجوابات ، وهي بدورها تضيع جلسات مجلس الأمة وتصرفها عن الأمور الرئيسية ، الآن مثلا موضوع تقسيم الدوائر والمفروض أن يناقشها المجلس وسينتهي المجلس ولم توضع الحلول لمشكلة الدوائر , ولا تزال دوائر خالية من الأعضاء ومناطق مأهولة الآن لا يوجد لها تمثيل نيابي في مجلس الأمة فمثلا منطقة الفنطاس يوجد بها عشرة ألاف مواطن ولا يوجد لها تمثيل نيابي ، ومنطقة أخرى يوجد بها خمسمائة مواطن ، ومنطقة الشرق لا يوجد بها نائب في البرلمان ، فأصبحت هناك ضرورة لا عادة توزيع عدد النواب في مجلس الأمة ، فلابد من الاتفاق على نظام جديد للدوائر ومسائل أخرى شبيهة بذلك ، وعندما تكبر دائرة أفضل من أن تكون صغيرة ليختفي ما يسمى بــ " شراء الأصوات " في الانتخابات البرلمانية . 

تأييد · 

ما هو منظوركم لمنح المرأة الكويتية حق التصويت والترشيح وإقرار كافة حقوقها السياسية والذي دخلت به التاريخ عهداً جديدا من الديمقراطية في يوم الاثنين 16 مايو 2005 ؟ 
-الحقيقة منذ ثلاثين عاما عقدت ندوة في جامعة الكويت حول حقوق المرأة وأيضا تعدد الزوجات ، وكانت في مسرح الخالدية بالجامعة وكانت السيدة نوريه السداني رئيسة اتحاد المرأة الكويتي في ذلك الوقت ، والأستاذة كوثر الجوعان ، وكنت أؤيد في ذلك الوقت أن تمنح المرأة حق التصويت والترشيح إذا تقيدت باللباس الشرعي ووجدت جداول انتخابية منفصلة للنساء والرجال في ذلك الوقت والآن نلاحظ خلال فتاوى الأزهر الشريف وإدارة الفتوى في الكويت وغيرها أن الأمر أخلاقي ففريق يقول حلال وآخر يقول حرام ، ورسول الله – صلي الله عليه وسلم – ما خير بين أمرين لاختيار أيسرهما فما دامت المسألة فيها رأيين ، فنحن نأخذ بالأيسر وما يتفق مع هذا الزمان وهذا العصر ، وكون المرأة الكويتية وصلت إلى درجة مديرة جامعة ، وأيضا الجمعية التعاونية و جمعية الخريجين تنتخب المرأة ، فلذلك أؤيد منح حق المرأة في الترشيح والتصويت في الكويت . 

منع الخلوة · 

كنتم وراء قرار منع الاختلاط بين الطالبات والطلاب في الجامعة أثناء عضويتكم بمجلس الأمة .. فما قصة مشروع هذا القرار ؟ 
-هذا المشروع ظل فترة كبيرة في للنظر فيه ، وقد ترقت الوزارة عام 1970 م وأصبحت عضوا بمجلس الأمة لمدة أربع سنوات ، حيث دخلت ثلاث دورات دورتين كنت فيها نائب ووزير في وقت واحد ، ومن 1971 – 1975 م كنت نائبا فقط وفي هذا الموضوع خضنا جولات بيننا وبين الحكومة وفي ذالك الوقت كان الطلاب والأساتذة عكسنا ، وأذكر في ذلك الوقت كنا نطالب بعدم الاختلاط كانت المظاهرات تخرج من الجامعة واتحاد الطلاب إلي مجلس الأمة ، وكان إخواننا اليساريون أو الليبراليون أو القوميون أو الاشتراكيون من ناحية ، وكنا نحن في ناحية أخرى وكانت نسبة السفور بين الطالبات كبيرة و 5% فقط محجبات منهن ، وكان اتحاد الطلاب قياداته من القوميين ، ورغم ذلك الجو كانت قوات الشرطة تطوق خطوات الطلاب أمام مجلس الأمة ، وكنت أتوجه إليهم والمرحوم الوسمي والبراك ، والحجرف ، ففي إحدى المرات خرجت من مجلس الأمة إلي مجلس البلدي وخطبت في المجلس وقلت كيف يحدث هذا ؟! وقد توصلنا إلي حل وسط وهو إنشاء كلية خاصة للبنات وأخرى للبنين ، فصارت كلية للبنات وهي تقع في كيفان وهي تعود لكل أسرة ووفق ما ترى بالنسبة لبناتها ، وكانت نسبة الطالبات تؤيد الاختلاط ، ونقول الآن بما أن البنات تحجبن واتحاد الطلاب من الإسلاميين لا مانع من أن نتساهل لان الأصل في الأمر هو منع الخلوة أما الاختلاط فهو موجود في الشارع ، ولكن الخلوة في الرحلات المدرسية المشتركة تمنع ، ولكن الأستاذ المحاضر يحاضر في محاضراته حيث يجلس الطلاب في المقدمة ومن خلفهم الطالبات ، فهذا ليس له مانع ، وأما أن يكون هناك اختلاط وحتى الكافتيريات بعد المحاضرة كل مجموعة من الجنسين لوحدهم وأيضا رحلات مدرسية مشتركة لا توجد . إذن القصد هو منع الخلوة ، ولا شك أن الاختلاط الذي يؤدى إلي الخلوة وإلى المفاسد مرفوض وكذلك يكون في جو لا يلتزم باللباس الشرعي فهذا يؤدي المفاسد . 

مؤتمرات القمة العربية · 

ما ذكرياتكم مع الرئيس جمال عبد الناصر أثناء توليكم وزير الشئوون مجلس الوزراء في مرحلة الستينيات ؟ 
- لقد شاركت في ثلاثة مؤتمرات للقمة العربية ، الأول كان في الخرطوم في السودان وكان يشارك فيه المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز ، وصدر في هذا المؤتمر اللاءات الثلاثة وهي لا صلح ، لا تفاوض ، لا مهادئة ، وقد حقق المؤتمر في هذا الاجتماع وقف حرب اليمن التي كانت دائرة آنذاك، وصارت مصالحة بين مصر والسعودية في هذا المؤتمر، وقبلها مؤتمر حضرت فيه مع عبد الله السالم بالمملكة المغربية وكانت قمة عربية عام 1965م وقد شارك في الوفد الكويتي أيضا الشيخ جابر الأحمد وزيرا للمالية – آنذاك – وكنت وزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء، وكان الشيخ صباح الأحمد وزيرا للخارجية – حينذاك – إذن فقد شاركت في مؤتمري القمة العربية بالخرطوم والرباط، ومؤتمر للقمة أيضاً في القاهرة عندما وقع أيلول الأسود بين الفلسطينيين والأردنيين، وأذكر أننا قد وصلنا إلى الكويت بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية بالقاهرة وأعلن عن وفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970م، وكنا في المطار يودعنا وكان يبدو عليه الإرهاق والتعب وكانت الجلسة الختامية متعبة، وكان نائما عندما توجهوا إليه ليودع الراحل الشيخ صباح السالم الصباح – أمير الكويت حينئذ- فتأثر وكان مصابا بالسكري فأصابته جلطة بالقلب، وودع الشيخ صباح، وكاد أن يتعثر عبد الناصر في سيره ويسقط وشاهدناه من نافذة الطائرة أحضروا له سيارة سريعاً، وأصيب بجلطة في القلب وعندي مذكراتي عن هذه المؤتمرات ولكنها تحتاج إلى وقت، ومن أهم ما أذكره عن مؤتمر القمة العربية في القاهرة والذي عقد لمناقشة ما حدث بين الأردنيين والفلسطينيين فأوفد مؤتمر القمة الرئيس السوداني حينئذ جعفر النميري والشيخ سعد العبد الله والأمين العام لجامعة الدول العربية حينئذ إلى عمان في الأردن لكي يتمكن ياسر عرفات من الخروج من الأردن بعد أن كان محاصراً من جانب القوات الأردنية وقد غاب الملك حسين عن مؤتمر القمة في القاهرة. 

خدمة الإسلام · 

انخراطكم في العمل الإسلامي .. كيف كانت بدايته ؟ وفي أي مرحلة؟ 
-الحقيقة أنه بدأ مع عملي في إدارة الجوازات والجنسية والهجرة وانتهى بدخوله الوزارة، لأن العمل الوزاري يمنع، لأنه كان اتصالي بجمعية الإرشاد والتي تحولت حاليا إلى جمعية الإصلاح الاجتماعي، وقد بدأت فيها على أنها جمعية خيرية إسلامية لم نكن نعلم أن لها ارتباطات مع الإخوان المسلمين في مصر وهذا ليس له مانع، وكانت ارتباطات وذات جهود في الأخلاق والفضيلة ولم يكن لها أي توجهات سياسية، وعندما دخلت الوزارة انقطعت، وشخصيا كان رأيي أن أبحث عن المكان الذي يخدم الإسلام أكثر فكنت أنجذب نحو كل الحركات الإسلامية، وكانت جمعية الإصلاح ذات اتجاه الجماعة الإسلامية،خضناه، وأيضا جربنا جماعة التبليغ وغيره وكل حركة يقولون شيئا نسمعه منهم، لأننا نبحث عن المجال الذي نرضي الله فيه. 

فئة محددة · 

يواجه الإسلام حملة شرسة منذ الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م حيث تشير أصابع الاتهام إلى المسلمين على أنهم إرهابيون ومتطرفون .. فما هو تصوركم لهذه الحملة الشرسة؟ وما السبيل للتصدي لها؟ 
-الهجمة على الإسلام موجودة، لكن المشكلة أنهم اتهموا فئة محددة أنها إرهابية، واتهموا كل الشعوب الإسلامية، وقالوا طالما يوجد لديهم القرآن الكريم وتوجد فيه آيات تحض على الجهاد، إذن البعض لم ينتبه إلى أن شعار محاربة الإرهاب المقصود به هو شعار محاربة الإسلام، وتلفيق التهم للإسلام والمسلمين لا يليق، لأن لله العزة ولرسوله وللمؤمنين. -الإسلام تم تسييسه، والتنظيمات الإسلامية سيست العمل الإسلامي وهي بذلك أضعفته، إذن العمل الإسلامي أصبح مسيسا. 

ثلاثة أنواع · 

التراث الإسلامي أين يقع على خريطة اهتماماتكم وأجندتكم؟ 
-التراث الإسلامي ثلاثة أنواع الأول متمثل في سلوكياتنا كمسلمين وفي مبادئنا وفي أركاننا الخمسة والتي حتى الآن موجودة والحمد لله، والنوع الثاني هو المظهر الثقافي حيث نجد اليوم كثرة في الإنتاج الثقافي في معارض الكتب نجد أن الكتاب الإسلامي هو الأول، لكن عندما نأتي إلى التراث الحضاري المتمثل في العمران والآثار الإسلامية نجدها مع الأسف تتعرض يوميا للتهديد. · 

هل لكم اهتمامات بعلم الأنساب وأنتم عميد الأسرة الرفاعية في الكويت؟ 
-الحقيقة أنني مهتم بهذا وإن كنت غير متفرغ له، وأرى أنه واجب لأنه ورد "أحفظوا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم" ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان ينتسب فيقول:"أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إلى آخره وقريش إلى عدنان، فهذه الأنساب ضرورية، وأنساب القبائل والعشائر حتى أن أبو بكر رضي الله عنه كان مشهوراً بأنه كان عالم من علماء الأنساب، فالنسب ضروري وخاصة نسب النبوة لأن الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم – أمرانا بإكرام أهل البيت واحترامهم فلابد من معرفتهم وتوقيرهم لجدهم المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وهو شيء مهم ولدينا شجرة النسب وهو عمل طيب. 

ثلاثة آلاف كتاب تشغل مكتبتكم حيزاً كبيراً في ديوانيتكم وتزخر بنفائس المؤلفات .. فكم يبلغ عدد الكتب فيها؟ وفي أي المجالات؟ 
-المكتبة لها غرفة خاصة كبيرة داخل منزلي وربما يبلغ عدد المؤلفات فيها ثلاثة آلاف كتاب لأنه صارت الكتب موجودة في مكان، ورأيي أن الكتاب هو خير جليس للزمان، على الرغم من أنه اليوم صارت المعلومة المسموعة والمرئية تنافس المقروءة، فأصبح الإنسان لا يملك الوقت للقراءة، والمؤلفات متنوعة في مجالات التاريخ والتصوف والشعر والأدب والحديث والسيرة النبوية وما يتعلق بتاريخ الكويت والخليج. 

خير ورجال وشباب · 

أخيرا .. ما تصوركم المستقبلي للإسلام والمسلمين ولبلدكم الكويت؟ 
-الكويت فيها خير وعندها رجال وشباب وكل فرد من الأسرة الحاكمة في نفسه كل الخير للبلاد، ونتمنى أن تعود التجارة فتنعشه كما كانت من قبل، ولدينا في الكويت استعداد جيد لقيادة العمل الإسلامي لوجود الديمقراطية والحرية والعلاقات الطيبة بالدول الأخرى فضلا عن اعتدال شعب الكويت، فبالإمكان تقديم النموذج الإسلامي الصحيح، المهم إخراج العمل الإسلامي من التسييس، وكما قدمت الكويت النموذج الديمقراطي فيمكنها تقديم النموذج الإسلامي المعتدل أيضا كما فهمته المذاهب الأربعة.
 

عداد الزوار